مواقعنا على التواصل
15 ديسمبر 2024

الأخبار

حوار مع خليل التفكجي | مخططات الاستيطان في قلب أحياء القدس المحتلة
أخبار

حوار مع خليل التفكجي | مخططات الاستيطان في قلب أحياء القدس المحتلة 

راديو طريق المحبة:-  تقوم إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وتحت دخان الحرب بتمرير جميع مخططاتها المؤجلة ضد الضفة الغربية والقدس المحتلتين وحتى الـ48، وفي هذا السياق دفعت بمخططات استيطانية منها إقامة أحياء يهودية في قلب التجمع الفلسطيني بالقدس المحتلة وهي تتخذ في سبيل ذلك خطوات لم يسبق لها مثيل منذ العام 1967.

وفي هذا السياق، أشارت صحيفة “هآرتس” إلى مصادقة اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء في القدس، بعد يومين فقط من عملية “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، على إقامة حي يهودي جديد في قلب حي رأس العمود الفلسطيني، يضم (المخطط) ملحقا أمنيا يشمل إقامة جدار، طريق أمني، آليات مصفحة وكاميرات حماية قادرة على التعرف على الوجه.

والحي الاستيطاني المذكور هو واحد من أربعة أحياء تدفع بها وزارة القضاء التي يتولاها ياريف ليفين، هي “نوفي راحيل” الذي يبعد بضعة أمتار فقط عن بيوت قرية أم طوبا المقدسية ويضم 650 وحدة استيطانية والحي الاستيطاني المخطط إقامته في قلب قرية أم ليسون في صور باهر، وحي “غفعات هشكيد” الملاصق لبيت صفافا.

وتكشف الصحيفة أنه يجري الدفع بهذه المخططات التي تشمل معا 3000 وحدة استيطانية، في أروقة لجان التخطيط بشكل استثنائي ويتم حصولها على التصاريح والمصادقات الضرورية في مدة قياسية، تحت جنح الحرب على غزة.

وتعتبر إقامة هذه الأحياء الاستيطانية في قلب التجمعات الفلسطينية، برأي الصحيفة تحولا في السياسة التي كانت قائمة حتى الآن والتي جرى في أطارها تقاسم الأدوار بين الدولة والجمعيات الاستيطانية، حيث أخذت الدولة بواسطة وزارة الإسكان على عاتقها إقامة المستوطنات الكبيرة وتركت للجمعيات الاستيطانية “إلعاد” و”عطيرت كوهانيم”، (حتى لو كانت مدعومة من الدولة) مهمة زرع البؤر الاستيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية كما هو الحال في سلوان والشيخ جراح.

لإلقاء الضوء على هذا الموضوع أجرى “عرب 48” حوارا مع الباحث في قضايا الاستيطان وعضو الائتلاف الأهلي المقدسي،خليل التفكجي.

 من الواضح أن المؤسسات الاستيطانية الإسرائيلية الرسمية وغير الرسمية تستغل الحرب على غزة للتعجيل في تمرير مخططاتها التي تستهدف قلب التجمعات الفلسطينية المقدسية؟

التفكجي: البرامج الاستيطانية الخاصة بمدينة القدس بدأت في العام 1967 انطلاقا من المقولة الصهيونية بأن القدس العاصمة الأبدية غير القابلة للتقسيم، وبعد توسيع حدودها من 6.5 كيلومتر مربع إلى 72 كيلومتر مربع كانت السياسة واضحة وتتمثل بإقامةمستوطنات داخل شرقي القدس من أجل دمج شطري المدينة.

لهذا الغرض جرى مصادرة الأراضي الفلسطينية باستخدام جملة من القوانين والإجراءات على غرار، المصلحة العامة، أملاك الغائبين، أملاك يهودية، محيات طبيعية وغير ذلك والتي سيطرت بواسطتها على 87% من مساحة القدس الشرقية، وكان البرنامج الإسرائيلي الذي وضع عامي 1967 و1973 بواسطة “لجنة جفني” يهدف إلى تغيير التوازن الديمغرافي في القدس الموحدة بحيث يصل إلى 75% يهود و25% عرب.

واعتمدت هذه السياسة على ثلاثة أسس هي التطويق، الاختراق والتشتيت، فقامت في البداية بإقامة 18مستوطنة حول القدس لتطويق الأحياء الفلسطينية من جميع الجهات، ترافق ذلك مع شق شوارع عرضية وطولية لتقطيع أوصال هذه الأحياء، ثم أقامت “المحميات الطبيعية”، وهي الأراضي القائمة بين التجمعات الفلسطينية وبين المستوطنات الإسرائيلية، بحيث تكون بمثابة احتياطي إستراتيجي مستقبلي للتوسع الاستيطاني.

 هي لم تكتف بذلك بل أطلقت العنان للجمعيات الاستيطانية في إقامة بؤر استيطانية داخل الأحياء الفلسطينية؟

التفكجي: هذه الخطوة تندرج ضمن الإستراتيجية الاستيطانية العامة التي تحدثت عنها وهي خطوة الاختراق، وقد أقيمت هذه البؤر سواء في “كدمات تسيون” التي أقيمت على أراضي أبو ديس، وهيمستوطنة تضم 400 وحدة سكنية، وقد استخدمت في سبيل ذلك قضية تسوية الأراضي والادعاء بأن هذه الأراضي كانت تابعة لليهود قبل عام 1948، وهذه البؤر هي في قلب التجمعات السكنية في رأس العامود والعيزرية وأنا أقصد هنا أبو ديس والعيزرية في إطار بلدية القدس التي تم توسيعها في الـ67.

وفي هذا الإطار تم إقامة 32 بؤرة استيطانية في سلوان بحجة أنها أملاك يهودية، أملاك غائبين، أملاك حكومية، منطقة أثرية أو جزء من الحوض المقدس أو الحوض التاريخي وما إلى ذلك من تسميات، وهو ما جعل بين البيت والآخر بؤرة استيطانية وحوّل سلوان إلى فسيفساء ومثال للتشتيت الذي سبق أن تحدثنا عنه.

ونرى ذلك بوضوح أيضا في بيت صفافا التي كانت قد قسمت عام 1948 ووحدت عام 1967 تحت السيطرة الإسرائيلية، حيث أقيمتمستوطنة “بات” في الناحية الشمالية ومستوطنة “جيلو” في الناحية الجنوبية، بينما أقيمت في الناحية الشرقية “جفعات همطوس” وستقام في الناحية الغربية “جفعات هشكيد” التي ستضم 800 وحدة استيطانية.

بموازاة ذلك جرى تقطيع بيت صفافا بالشوارع الطولية والعرضية حيث تم تقسيمها إلى أربعة أقسام وجرى السيطرة على بيوت داخل البلدة.

 وسائل الإعلام الإسرائيلية تحدثت هذا الأسبوع عن مخطط لإقامة 650 وحدة استيطانية في أم طوبا؟

التفكجي: معروف أن صور باهر وأم طوبا بقي جزء من أراضيهما تحت السيادة الإسرائيلية بعد عام 1948، وقد أحيطتا من الناحية الجنوبية بمستوطنة “هار حوما” التي أقيمت على جبل أبو غنيم ومن الناحية الشمالية بمستوطنة “تلبيوت الشرقية” ومن الناحية الغربية بمستوطنة “جفعات همطوس”، بالإضافة إلى القناة السفلى التي يسمونها المشروع الجديد عند “رمات راحيل” ومن الناحية الشرقية “الشارع الأميركي” وهو مخططإسرائيلي يسمى شارع الطوق تم تخصيص 500 مليون دولار من أجل بناؤه، ويشمل نفقين وجسر فوق وادي النار لربط كل المستوطنات التي تقع داخل حدود البلدية مع المستوطنات الواقعة خارجها مثل “معاليه أدوميم” في إطار ما يطلق عليه القدس الكبرى.

أما المستوطنة التي تتحدث عنها “نوف راحيل” فستقام داخل صور باهر وأم طوبا على مساحة 12.5 دونم لإقامة 600 وحدة سكنية بادعاء أن هذه الأرض يهودية، وهي واحدة من مجموعةمستوطنات يجري التخطيط لإقامتها في قلب الأحياء الفلسطينية المقدسية.

ويمكن وصف ما يجري في القدس بأنه سحب لما جرى في أراضي الـ48 على القدس، نفس المسلسل المتمثل بإقامة المناطر ومصادرة الأرض وأملاك الغائبين ومحاصرة القرى الفلسطينية في مساحات محددة، بحيث يتم إخراج أي زيادة سكانية خارج حدود القدس وتحويل الأحياء والقرى الفلسطينية إلى مخيمات ليس لها مستق.

واضح أن الموضوع له علاقة أيضا بخلق تشابك سكاني يمنع تقسيم القدس في أي حل سياسي مستقبلي؟

التفكجي: صحيح، المخطط الإسرائيلي تصاعد بعد أن بدأ الحديث عن حل الدولتين لمنع احتمالية تحول القدس الشرقية إلى عاصمة للدولة الفلسطينية، واليوم الأمر يبدو أكثر وضوحا مع نقل العديد من المؤسسات السيادية الإسرائيلية، مثل وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية والمحكمة المركزية ووزارة القضاء ومؤسسة التأمين الوطني وغيرها إلى داخل القدس الشرقية، إضافة إلى ما يحدث من دمج عبر الأنفاق والجسور بين شرقي القدس وغربها وكذلك ربط المستوطنات الواقعة داخل حدود البلدية بالمستوطنات الواقعة خارجها.

 ويجري استغلال حالة الحرب على غزة للتسريع بهذه المخططات؟

التفكجي: صحيح، بينما كانت تستغرق المصادقة على المخطط في الأيام العادية فترة سنة أو سنتين، اليوم تتم المصادقة خلال أسابيع قليلة.

 كما يتم استغلال قضية الأملاك اليهودية بشكل واسع، وتأخذ وزارة القضاء الإسرائيلية بواسطة الوصي على هذه الأملاك دورا أساسيا في الدفع بالمخططات الاستيطانية؟

التفكجي: الحديث عن ما يسمى تسوية الأراضي والتي يتم تسويقها وكأنها تهدف إلى تطوير الأحياء، لكن هدفها في الحقيقة هو معرفة الأملاك اليهودية التي كانت تدار من قبل ما عرف في العهد الأردني بـ”حارس أملاك العدو” التابع لوزارة الداخلية الأردنية.

وزارة القضاء الإسرائيلية دخلت على خط الاستيطان بواسطة “الوصي” المذكور وسارعت في إعداد مخططات استيطانية على هذه الأراضي وهي تسعى اليوم إلى تسريع تمريرها تحت دخان الحرب، حيث يجري رفض جميع الاعتراضات المقدمة من السكان وإقرار المخطط خلال مدة وجيزة، علما أن جميع هذه المخططات تقع كما ذكرنا في قلب التجمعات الفلسطينية.

وبالإضافة إلى البؤر الاستيطانية التي جرى تخطيطها على هذه الأراضي في صور باهر وأم طوبا ورأس العامود وغيرها بادعاء أنها كانت تابعة لليهود، هناك اليوم قضية الأرض المقام عليها مركز التدريب المهني التابع لوكالة الغوث في كفر عقب.

وتدعيإسرائيل أن هذه المساحة المقام عليها هذا المركز والتي تبلغ 110 دونمات كانت أراض يهودية ثم قامت الحكومة الأردنية التي وضعت يدها عليها بعد عام 1948، بتأجيرها للوكالة لإقامة المركز المهني، واليوم تريدإسرائيل استرجاعها وطرد الوكالة ومن ثم إقامةمستوطنة ربما تكون أكبرمستوطنة تقام في قلب الأحياء الفلسطينية.

 لا شك أن إقامة بؤر استيطانية كالتي نتحدث عنها في قلب الأحياء الفلسطينية وبواسطة الدولة نفسها، هو بمثابة تحول في عدوانية السياسة الاستيطانية، وهذا يعكس ربما فشل السياسة الاستيطانية في تغيير الديمغرافيا وتخفيض نسبة الفلسطينيين الذين ما زالوا يشكلون أكثر من 40% من سكان المدينة، ولذلك يلجأون إلى العبث بالديمغرافيا الداخلية أو ما أسميتها أنت بعملية التشتيت؟

التفكجي: البرنامج الإسرائيلي الأساسي كان يتحدث عن تخفيض نسبة الفلسطينيين إلى 25% بينما يتحدثون اليوم عن 12% فقط، ويبدو أنهم يسعون للوصول لهذا الهدف عن طريق إخراج 150 ألف فلسطيني موجودون اليوم خلف الجدار إلى خارج حدود البلدية، وضممستوطنات تقع خارج حدود البلدية مثل “معاليه أدوميم” و”غوش عتسيون”، بمعنى إخراج 150 ألف فلسطيني وإدخال 150 ألف يهودي لتخفيض نسبة الفلسطينيين إلى 12%.

لكن بالرغم من ذلك فهم لا يريدون كتلة ديمغرافية فلسطينية متماسكة تشكل قوة اقتصادية أو سياسية، ولذلك يسعون إلى مزيد من التشتيت والتفتيت عبر زرع البؤر الاستيطانية في قلب هذه التجمعات.

Related posts